خديجة عماري
Admin
المساهمات : 118
تاريخ التسجيل : 23/05/2013
الموقع : khadijaaamari.yoo7.com
 |  موضوع: مقطع من قصة للكاتب يوسف كرماح, بعنوان:"محاولة فاشلة", من المجموعة القصصية الموسومة ب:"مزاد النهود". الإثنين أكتوبر 28, 2013 5:42 pm | |
| [img]  [/img]
مقطع من قصة للكاتب يوسف كرماح, بعنوان:"محاولة فاشلة", من المجموعة القصصية الموسومة ب:"مزاد النهود".
محاولة فاشلة
مسترخي في إفريز مقهى "كينيدي" بالخبزات أمج سيجارتي بشراهة وأرتشف قهوتي السوداء بتلذذ. مستسلم لخدر الكسل الذي يتسلل إلى أوصالي حينا، ومنشغل بنبش الذباب المزعج الذي ينط على الكؤوس الممتلئة والفارغة من القهوة حينا آخر، وغمامة حزن جاثمة عتمة تكسو وجهي قناعا مفزعا ومرعبا. مطارق ثقيلة تهوي على رأسي تهشمه، وأسئلة كثيرة تتناسل في مخيلتي اليقظة كفطريات. بين لحظة وأخرى أبصق على البساط. ألعن حظي العاثر في هذه الحياة القحبة وأشتم تقلبات الزمان الغدّارة. وكذلك معظم رواد المقهى، حتى هم وجوههم واجمة وشاحبة، لا تنذر سوى بالشؤم، تترجم ما يتفاعل في رؤوسهم وأفئدتهم. أغلبهم عاطل عن العمل. يبددون وقتهم في اغتياب المارة وأكل لحم إخوانهم بالنميمة .لاعمل يشغلهم غير الثرثرة في ملل، وقد دقوا الأوتاد على الكراسي طيلة النهار ناسين أو متناسيين أنفسهم. ليس لهم شغل سوى مطاردة مؤخرة الغاديات والرائحات على رصيف الشارع. رؤوسهم تميل يمينا ويسارا تطارد وفود السوق والأرداف كما لو كانوا يتابعون مقابلة لكرة المضرب. هذه آتية وهذه غادية، هذه طويلة وهذه قصيرة، هذه غليظة سمينة وهذه نحيفة عجفاء، هذه مؤخرتها شهية وهذه ليس في ربيعها ما يبهج الفراشات.
مرت أنيقة جذابة من على الرصيف. نظرت إليها مليا فأينع في مقلتي الحبق والسوسن. خيلت لي كغزال تختال بين المروج. تسير وأنفها في العلياء، وكأن ليس مثلها في الغبراء. عيوني سقطت على فردوسها. رحت أسلخ في جلدها بإسهاب وبنظرات ذاهلة. جسدها المتناسق والأنيق فاتن وجذاب، من الأجساد التي يعتبر الكشف عن أحد أطرافها جريمة. نهدان نافران. خصر قياس الخاتم. ساقان بلوريتان تعتليهما تنورة قصيرة مزركشة الألوان. مؤخرة بالونة مستديرة ومنتفخة، بارزة بعنف وطيش، كتلك التي أمنت عليها المغنية اللبنانية-الكولومبية الشهيرة "شكيرا"بعشرة ملايين دولار. أو كتلك التي أمنت عليها الأمريكية "جنيفر لوبيز" بسبعة ملايين دولار. إنها لعنة المؤخرات.
بقلم الكاتب يوسف كرماح | |
|
